أشرت في الحلقة الماضية إلى واقعة فهمها ناس على غير وجهها، فجئت الآن أبيّنها.
كان مما قلت لهم في ذلك اليوم أن أبا الأنبياء إبراهيم بوّأ اللهُ له مكان البيت وقال له:{وأذِّنْ في الناسِ بالحَجّ}، فأذّن به فاستجاب له المؤمنون يلبّون:{يأتوكَ رجالاً وعلى كلِّ ضامِرٍ}، يأتون من البرّ والبحر والجوّ، بكل رَكوبة سخّرها الله لهم ودلّهم عليها بالعقل الذي منّ به عليهم:{يأتينَ مِنْ كلِّ فَجٍّ عميقٍ}، من الشرق والغرب، من الشمال والجنوب، من قلب إفريقيا ومن أقاصي آسيا ومن مدن أوربا، من المناطق الاستوائية التي تتلظّى حراً إلى البطاح الباردة التي تنام وتصحو على الجليد:{لِيشهَدوا مَنافِعَ لهمْ}. والإسلام كله منافع تُجلَب ومفاسد تُدرأ، وخير في الدنيا وخير في الآخرة، {ويَذكُروا اسمَ اللهِ في أيّامٍ مَعْلوماتٍ}، وذكر الله هو غاية الغايات وهو مقصد الحياة.