للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان من بركات هذا الاجتماع أن ردّني إلى نفسي ونفى عني ما كنت أحسّه من الضياع، وعرّفني بإخوة كرام.

ولمّا خرجنا أبى (جزاه الله خيراً) إلاّ أن يوصلني بسيارته، وسألني عن أحوالي في الشام وعن أخي ناجي الذي كان يقرأ له بعض ما يكتب، فخبّرته أنه من قضاة دمشق ومقرّه في دوما. قال: لماذا لا يأتي فيعمل هنا؟ ففتح لي باباً للكلام كنت أتمنى ولوجَه وأتهيّب قرع بابه. وكان من بركات هذا الاجتماع أن استقدمه وجعله مستشاراً قانونياً بوزارة المواصلات التي كان يتولاها يومئذ من وزارة الحج، فلما انفصلَت وزارة الحج بقي يعمل فيها مستشاراً إلى الآن (١)، لأن معالي الشيخ عبد الواسع أبقاه، فله الشكر والشكر لمعالي الشيخ محمد عمر، وجزاهم الله خيراً.

* * *

كنت أمضي في الكلية ساعتين أُلقي فيهما درسي، فإذا قُضي الدرس فتّشت عمّن أكلّمه ومشيت مع أبعدهم داراً وأطولهم طريقاً، حتى إذا وصل ودخل بيته لم يبقَ لي مكان أذهب إليه ولا مَن آنس به. وكان ذلك قبل قدوم أخي إلى المملكة. وأين أذهب والكلية أغلقت أبوابها وانصرف مدرّسوها وطلاّبها، والدار ينتظرني فيها الفراغ والملل وضيق الصدر، وقد سئمت منظر البِركة والنظر إلى الشجرات من حولها، حتى إنني من طول نظري إليها كدت أحفظ عدد فروعها وأوراقها؟


(١) أي إلى سنة ١٤٠٩ التي طُبع فيها هذا الجزء من الذكريات.

<<  <  ج: ص:  >  >>