للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العدل معه أمر ولا نهي ولا له على القضاة حكم، وهذا هو استقلال القضاء. فخجلت أن أطلب منهم إذناً جديداً بأن أعود إلى المملكة وقد جئت منها بالأمس، ولكنهم جزاهم الله خيراً ما تأخّروا بإصدار هذا القرار. وكان أخي الشيخ الدكتور مصطفى السباعي على عزم الذهاب إلى مكة ليدرّس معنا في كلية الشريعة (أو في كلية التربية)، وكان قد أعدّ الأمر وسعى فيه صديقنا الشيخ الصوّاف، وهو الذي جاء بالأستاذ المبارك رحم الله السباعي والمبارك وجاء بآخرين، لأن الشيخ حسن رحمه الله فوّضه في سنة من السنين أن يختار هو المدرّسين المعاقِدين.

واتفقنا على أن نسافر معاً، وكان له أخ في مكة بل أخوان اثنان ينتظرانه، فودّعته على أن ألقاه يوم السفر. فلما كانت صبيحة اليوم التالي رنّ جرس الهاتف، فذهبت أرى من المتكلم فإذا هو بسّام الأسطواني الذي كان يلازم الشيخ السباعي، وأحسبه هو الذي أنشأ دار القرآن للطباعة، فقال لي: عظّم الله أجركم بالدكتور. فخطر على بالي اسم كل دكتور أعرفه إلاّ الشيخ السباعي، لأنني لم أكن أدعوه بالدكتور بل بالشيخ ولأنني ما توقّعت أبداً بأن يسارع إليه الله الأجل، وإن كانت الآجال بيد الله لا تدري نفس متى تموت ولا بأيّ أرض تموت. وكنت أنتظر اليوم الذي أصحبه فيه إلى مكة، وكان مريضاً ولكنه صبر على مرضه وعلى ما يقاسي منه، جعل الله ذلك زيادة في ثوابه عنده رحمة الله عليه.

وجئت مكة.

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>