للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النبلاء لم يجتمع لغيره، وكنت كلما ذكرت هذا الدفتر بعثتُ أسأل بناته الفُضْلَيات عنه وأرجو أن يصوَّر ويُطبَع مصوَّراً فتبدو فيه خطوط كاتبيه، فيكون منه مرجع تاريخي وأدبي واجتماعي لا أعرف له مثيلاً. وأنا أتمنى الآن أن يتحقق هذا الرجاء على يد مؤسسة تِهامة وقد تولّى الإشراف عليها الأستاذ محمد محمود.

* * *

كان ذلك من ذكريات زيارتي الأولى أثاره في نفسي ما كتب الأستاذ الزمخشري شفاه الله وعافاه، فلما جئت مكة هذه المرة أول العام الجامعي ١٣٨٤هـ كان أول من لقيته ممن أعرف الشيخ محمد علي الصابوني، وجدته في المطار حملَته الطيارة التي حملتني إلى جدة ومعه أهله وأولاده، فدلّني على فندق شبرا.

وأنا رجل مبتلى بالسهر جلّ نومي بعد صلاة الفجر، أنام حين يستيقظ الناس، فطلبت غرفة منعزلة فأعطوني غرفة تُفضي إلى أخرى، فأخذتهما ابتغاء الهدوء وخشية الإزعاج وأغلقت على نفسي البابين: الباب البرّاني والباب الجوّاني، فما كدت أغرق في النوم حتى أيقظتني حركة عند رأسي وكلام قريب يقع في أذني، فصحوت وقمت مذعوراً أحسب أن قد دخل عليّ أحد، وإذا الحركة والكلام من وراء الجدار الرقيق الذي يفصل بين المكانين. فشدّ ذلك أعصابي وأطار النومَ من أجفاني، فذهبت إلى الحرم، وكان يخلو في الليل حتى ما تلقى في المطاف إلاّ أفراداً يُعَدّون، فلم يَعُد الآن يخلو ساعة من ليل أو نهار.

ووجدت في المَطاف الدكتور عبد الحميد الهاشمي، وكان قد جاء المملكة قبلي بسنة، يطوف معتمراً ومعه أهله، وهي سيدة

<<  <  ج: ص:  >  >>