للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في هذه الأيام فرق بين فوق وتحت، فقد اختلطت طبقات الناس ولم يعُد يميّز العالي من الواطي إلاّ قليل.

وأخذنا صندوق الثلاجة فجعلنا كل وجه منه وجهاً لنضد (طاولة)، ثم اشترينا خشباً ومنشاراً وما تحتاج إليه النجارة. أقول «اشترينا» و «أخذنا»، وإنما الذي اشترى وأخذ هو أخونا الأزهري جزاه الله خيراً. ثم صنعنا (أعني أنه صنع، وأنا أعمل تحت يده) طاولات للأكل وللكتابة، جميلة كاملة لا يعيبها إلاّ أنها تسقط بك إن استندت إليها وتميل معك إن ملت معها وتهتزّ إن هززتها! ثم اشترينا ستة من كراسيّ الخيزران، فاكتمل فرش الدار.

وزارني الأستاذ الشيخ سعيد العامودي مع صديق له شيخ لوبي (أي ليبي، من طرابلس الغرب) فصيح اللهجة يُشبِه في كلامه وفصاحة لسانه صديقَنا العالِم الأستاذ عبد الغني الباجقي رحمة الله عليه، وربما كتبت عنه إذا عُدت إلى الكتابة عمّن عرفت من الرجال. زارني الشيخ سعيد وصاحبه، فلم يكن عندي من فرش الدار الذي حسبته اكتمل إلاّ سجادة ليس حولها مساند ولا مخدات، فقعدوا عليها وظهورهم إلى الجدار.

* * *

وكان الأستاذ سعيد العامودي رئيسَ تحرير مجلة «الحج»، وكانت إدارتها في العمارة التي تقابل دارنا، فكنت كلما وجدت وقتاً فارغاً من العمل ملأته بالمتعة بمجلس الشيخ سعيد والاستفادة منه، وذكّرني بمجلس خالي محب الدين في المطبعة السلفية في مصر ومن كان فيه من مرتاديه، وعلى رأسهم اثنان كانا من الأعلام

<<  <  ج: ص:  >  >>