منها الطريق، وكلما مررتُ به أشفقت عليه ورثيت لحاله.
وأنا أسكن اليوم في حيّ العزيزية، ومن حولي من كل جانب شوارع معبَّدات وعمارات عاليات وحدائق ذات بهجة فيها زرع ونبات وأشجار باسقات، فأحاول أن أتذكر: أين كان يقف ذلك الجندي؟ وأين كان مصنع الثلج الذي كنا نراه أبعد شيء عن مكة، ونذهب إليه في العَشيّات وفي الليالي المُقْمرات؟ لقد تبدّل كل شيء؛ مُحيت صورة ونُقشت صورة جديدة تماماً.
إن الأحياء التي وُجدت هنا أكبر مساحة من مكة التي عرفتها في أول زيارة لي إليها، فكيف إذن إن ذهبت إلى تبوك؟ سموّ الأمير دعاني لإلقاء محاضرة هناك ونسي أني لم أعُد أستطيع أن أرحل هذه الرحلات الطِّوال. إني أرى في الرائي (التلفزيون) مناظر تبوك فما أكاد أصدّق ما أرى؛ إن تبوك التي أعرفها ما فيها إلاّ المحطة تقف خالية تراقب هذا الخط الذي لا يمشي عليه قطار، وإلى جنبها غرف صغار كانت يوماً مستشفى ملحقاً بالمحطة (والصورةُ منطبعة في نفسي كأنني أراها الآن) وأمام المحطة فضاء واسع في صدره بيوت من الطين ما أظن أنها تزيد عن مئة بيت، وإلى شمالك وأنت تنظر إليها بستان واسع على نبع يشرب منه الناس لأن له صلة -كما يقولون- بغزوة تبوك!
* * *
كان نائب عميد كلية التربية لمّا جئتها الدكتور خالد القِرِمْلي، وكانت هيئة التدريس لا يصل عدد أفرادها إلى ستة عشر ما بين أستاذ ومدرّس ومعيد. وفي يدي الآن رسالة رسمية تاريخها ١٠/ ٢/١٣٨٥هـ (ورقمها ١٦٥/ ١) أُثبِتها هنا للتاريخ: