بلغة العرب. إني لأكاد أسمع اللحن المنكَر والخطأ الفاحش في كل مكان وأراه يمشي على كل لسان، حتى على ألسنة مَن نعُدّهم من كبار الأدباء، لا سيما إن قرؤوا نصاً مروياً. ولو عملتم مسابقة بين الأدباء في قراءة صفحة واحدة بلا غلط ولا تسكين أواخر الكلمات من كتاب أدبي (ككتاب البيان والتبيين مثلاً، أو أمالي أبي علي القالي أو كامل المبرّد) وجعلتم لذلك جائزة ما نالها إلاّ القليل.
وقد كنت وأنا شابّ أقول لإخواني: افتحوا لي أيّ كتاب واختاروا أية صفحة من هذا الكتاب وهاتوها أقرأها لكم، فإن أمسكتم عليّ غلطة فلكم حكمكم. وكنت أخطب مرتجلاً الساعة وما يقرب من الساعة وما يقرب من الساعتين فلا يزلّ لساني بلَحْنة، فسرى إليّ الآن الداء، بل أدركني الوَباء، فصرت أسمع في بعض أحاديثي المسجَّلة لحناً يسبق إليه لساني حيناً.
لا تبدؤوا الإصلاح من الجامعة بل من الابتدائية. إن جدار الإسمنت يومَ صَبِّه يُدخِل الصبي فيه أصبعه فتحدث فيه خَرقاً يبقى ما بقي الجدار، فإن جئتَ تُزيله بعدما يبس وصار كالصخر الجلمد أو أردت أن تُحدِث مثله وطرقته بالمطارق الثقال لم تصنع فيه شيئاً.
لسان الأمة من مقوّمات حياتها، فإن فرّطَت فيه فقد فرّطَت فيها. فإن جئت إلى أمتنا المسلمة، إلى أمة محمد ‘، لا سيما من كان من أبنائها عربياً، وجدت اللسان العربي الفصيح الصحيح حياتَه كلها، لأنه يرتبط به قرآنُه الذي هو قوام دينه ودنياه؛ لذلك يحرص جنود إبليس وخصوم الإسلام على إضعاف العربية