وما تشاهدون، والإسلام دين الواقع، والناس لا يتعلمون من العلم إلاّ ما أذن الله لهم بأن يتعلموه:{ولا يُحيطونَ بشيءٍ مِنْ عِلمِهِ إلاّ بما شاءَ}. وليس القمر في السماء، القمر قريب منا، ولو أن مركبة كانت تسير بسرعة الضوء (ثلاثمئة ألف كيل في الثانية) لبلغوا القمر في ثانية وثلث الثانية. هذا بُعدُه عنا بسرعة الضوء، والشمس على بُعدِها الشاسع يصل ضوؤها إلينا في ثماني دقائق، وهذه الأجرام التي ترونها نقطاً مضيئة في السماء الصافية في الليلة الساجية منها ما يبعد عنا سنين ومئات من السنين وآلافاً وملايين، فما بُعد القمر بالنسبة لهذه الأجرام؟
ثم إنها كلها تسبح في هذا الفضاء الذي لم يدرك العلم مداه ولم يعرف عنه إلاّ أقلّ من القليل. هذا الفضاء حولَه كرةٌ كبيرة جداً تحيط به من جوانبه كلها، بناء من مادة حقيقية ليس خطاً وهمياً، فيها أبواب تُفتَح وتُغلَق، هذه هي السماء الدنيا، كرة تُحيط بالفضاء كله وما فيه ولها سُمكٌ، الله أعلم بسُمكها. وبعدها فضاء لا نعرف عنه شيئاً، ثم كرة أخرى تحيط بها من جوانبها لها سُمك كسُمكها وبعدها فضاء كفضائها، تلك هي السماء الثانية، وكذلك حتى تبلغ سبع سماوات لا يستطيع العقل ولا الخيال أن يُلِمّ بها أو أن يتصوّر ضخامتها، وبعدها مخلوقات هي أكبر من هذا كله وأعظم وأجلّ، هي الكرسي والعرش الذي هو أكبر من الكرسي. فأين القمر وبُعدُه عنا؟
وهذه الصورة الهائلة للسماء وما بعدَها مصغَّرةٌ تصغيراً لا يُدرِك العقل مداه ويعجز الخيال عن تصوُّره، مصغَّرة في الذرّة وما في الذرّة من كهارب بعضُها يدور وبعضها يُدار به.