للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فخرج الفرنسيون من الشام وزال الانتداب.

إنه يوم الجلاء. فيا أيها الذين عادوا من مَيْسَلون بقلوب كسيرة، ونظروا إلى موكب الغاصب بعيون دامعة، وحملوا الظلم بأعصاب صابرة، وشاهدوا جبروت المحتلّ وطغيانه ووحشيته، والعرش الذي أقاموه على دماء قلوبهم وعزائم سواعدهم هوى، والبلاد التي بَرَأها (أي خلقها) الله واحدةً قُسّمت فجُعلت دولاً، والوطني المخلص نُفي أو سُجن أو حُكم عليه بالموت شنقاً، والخائن الملعون قد أُعطيَ الرُّتَب والذهب.

ويا أيها الذين خرجوا على الظلم وعرّضوا أرواحهم للموت، على شعفات الصخر من جبال اللاذقية إلى جبل العرب، وعلى السهول الفِيح من أعالي حلب إلى أداني حمص، وعلى ثرى الجنّات من أرض الغوطة، لم يخشوا فرنسا حين كانت تخشاها الدول ويرهب بأسها الأقوياء.

ويا أيها الذين نشؤوا في عهد الانتداب فرأوا في كل مدرسة مستشاراً فرنسياً هو الآمر الناهي، والمدير (أي الناظر) تمثال، وفي كل وزارة مستشاراً هو الفاعل التارك والوزير صنم، وفي كل منطقة مستشاراً هو الحاكم وهو المنفّذ وهو الأمير، وفي وسط المدن مراكز للعدوّ وعلى الجبال قلاعاً له قد وجّهت مدافعها إلى البلد لتضرب أبناءه إذا طالبوا بحقّ أو أبوا ظلماً، لا إلى الفضاء لتردّ عنه الأعداء. ويا أيها الشهداء الذين قضوا بنيران العدوّ الباغي في سبيل الله ثم في سبيل الحرية، وهل تسمع أرواحُكم دعائي ياأيها الشهداء؟ ويا معشر العرب في كل قاصٍ من الأرض ودانٍ: إننا نحمد الله إليكم، تبارك اسمه وجلّ جلاله، فلقد أكمل نعمته وأتمّ

<<  <  ج: ص:  >  >>