علينا فكسرت الباب وصارت بيننا، وجاءت معها بخيرات وجاءت معها بشرور، وكان من شرورها فتح الطرق التي تقصر وتسهل تارة أو تطول وتتوعّر تارة أخرى، ولكنها توصل في النتيجة إلى ارتكاب المحرَّمات وهتك الحرمات.
ولقد قلت من قديم بأن أول مادة في قانون إبليس وأول درس في منهجه هو كشف العورات واختلاط الشبان بالبنات:{يَنْزِعُ عَنْهُما لِبَاسَهُما لِيُريَهُما سَوْءاتِهما}. وكانت مدارس البنات من الأبواب التي دخل منها جنود إبليس من الإنس والجنّ علينا.
ومدارس البنات إن خلت من الفساد ضرورية نافعة لا بدّ منها لرقيّ البلاد وصلاح العباد، فليس اعتراضي عليها ولكن على ما يعرض لها. ومدارس البنات في دمشق قديمة جداً، ولقد كانت لي عمّة رحمها الله تحمل الشهادة الرسمية من المدرسة الرّشْدية (أي المتوسطة) تاريخها سنة ١٣٠٠هـ، أي قبل مئة وسبع سنين. وهذه المدارس في مصر أقدم تاريخاً وأسبق ظهوراً.
وكان العامل الأول على إنشائها في الشام مربّي الجيل الشيخ طاهر الجزائري، ولقد كتبت عنهُ فيما مرّ من هذه الذكريات، وحضر امتحان عمّتي من وراء ستار نُصب بين لجنة الامتحان وبين البنات والمعلّمات. وأنا لم أدرك من الشيخ طاهر إلاّ أنهم سيّرونا في جنازته لمّا مات في أعقاب الحرب الأولى، وكنا تلاميذ في الابتدائية وكان وزير المعارف أحد تلاميذه المقرَّبين وهو أستاذنا محمد كرد علي.
وكانت التلميذات في المدارس الابتدائية فضلاً عن الثانوية