دينها وإلى حجابها وإلى استعمال ما آتاها الله من المواهب ومن البيان ومن طلاقة اللسان فيما كانت فيه أول أمرها من الدعوة إلى الله، وأن ترجع إلى نهج أبيها وأخيها وأختها الفاضلة التي ثبتت على دينها وحجابها، وأن لا تُؤْثر الدنيا الزائلة على الآخرة الباقية.
وما دام في القلب جذوة بالإيمان فإن الله قادر على أن يُحييه في قلبها، ومن الواجب على المسلمين إذا رأوا انحرافاً من واحد منهم أو واحدة أن يَدْعوا الله لها بالهداية، والله لا يهدي إلاّ من يريد الهداية، وقلوب العباد بين إصبعين من أصابع الرحمن والله يحول بين المرء وقلبه، فادعوا لها بأن يحوّل الله قلبها إلى ما يرضيه عنها وما ينفعها في آخرتها لا بما يمتعها هذه المتعة القصيرة في دنياها.
* * *
فلما جئت مكة أدرّس فيها لم يكن في المملكة إلاّ مدرسة واحدة للبنات (فيما أعلم أنا) هي «المدرسة النَّصيفية» التي أنشأها الرجل العظيم الشيخ محمد نَصيف رحمة الله عليه، فكان رائداً في فتح مدارس البنات، أما الرائد الأول الذي كان أباً للتعليم حقاً في هذه المملكة وكان نادرة بين الرجال قلّما يجود الزمان بمثله، والذي أفضل الله به على أكثر المتعلمين الآن من الشيوخ ومن الكهول، فهو الشيخ محمد علي زَيْنَل، وقد لقيته في كراتشي سنة ١٩٥٤ لمّا زارها الملك سعود رحمه الله وقدم الشيخ محمد علي للسلام عليه. ثم أقمت أياماً في بومباي مع الشيخ أمجد الزَّهاوي رحمة الله عليه فكنت أزور الشيخ محمد علي كل يوم، وكلما زرته ازدادت منزلته في قلبي رسوخاً ومكانته ارتفاعاً.