للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالخمار (الإيشارب)، وإن كان منه ما لا يستر إلاّ ربع الرأس. وما كنت أختلط بالمدرّسات بل أعتزلهن أنا والشيخ، إلاّ مرات قليلة لم يكن لنا فيها بُدّ من الاجتماع بهن. وما خرجت في هذه الاجتماعات وفي دروسي مع الطالبات عن موضوع البحث أو الدرس إلاّ مرة واحدة، كنا فيها في اجتماع المدرّسات فسمعت إحداهن تشكو صاخبة غاضبة أن الآذنات (الفرّاشات) لا يهيّئن الشاي مع أن السكر موفور والماء موجود والمدفأة موقَدة، فأحببت أن أرطّب الجو بنكتة فقلت لها: إنه لا ينقصك إلاّ إبريق الشاي، فاشربي كأساً من الماء البارد وخذي ملعقة من السكر وملعقة من الشاي واقعدي على المدفأة، فيكون الشاي المطلوب في معدتك.

واستمرّت الحال لا أُنكِر منها شيئاً، حتى سمعت يوماً وأنا أُلقي درسي أصواتاً التفتُّ بلا شعور إلى مصدرها، فإذا أربعون من الطالبات في درس الرياضة وهُنّ يلبسن فيه ما لا يكاد يستر من نصفهن الأدنى إلاّ أيسره، وكُنّ في وضع لا أحب ولا أستجيز أن أصفه فهو أفظع من أن يوصف. فذهبت بعد الدرس إلى شيخنا الشيخ بهجة وخبّرته، فقرّرنا أن نترك التدريس، وكان قد بقي إلى الامتحان ونهاية العام نحو عشرة أيام.

وقد نبغ من الطالبات اللواتي كنتُ أدرّسهن نابغات، منهن وزيرةٌ الآن في سوريا كانت مضرب المثل في حجابها وفي دينها وكانت من العوامل على تعويد بناتي على الحجاب، وقد أثنيت عليها في مقالة لي في أواخر عهد «الرسالة» بالصدور، ثم زاغت فأزاغ الله قلبها. ولست أدعو عليها وإنما أدعو لها بأن يردّها الله إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>