وكتاب أخبار أبي نُواس لابن مَنْظور صاحب «لسان العرب». ومن عرف هذا الكتاب منكم عرف ما فيه من أشعار أبينواس التي يخجل من روايتها الساقي في حانات الخمور ومواطن الفجور، فكيف يرويه للطالبات المعلّمُ الذي زعم شوقي أنه كاد يكون رسولاً (١) لولا أن محمداً عليه الصلاة والسلام خاتم الرسل فلا رسول ولا نبي بعده.
وكان أجري على الدرس كبيراً وكنت في أشدّ الحاجة إليه، ولكن خفت والله من الوقوع وقد بلغت حافّة الهاوية ولم يبقَ بيني وبينها إلاّ شبر واحد، فتركت الدرس وعفت المرتَّب ونجوت بنفسي.
وفي سنة ١٩٤٩ كان أخي أنور العطار رحمه الله يدرّس الأدب العربي لطالبات الثانوية الأولى للبنات ودار المعلّمات، فنُقل وسط السنة المدرسية إلى وزارة المعارف وكُلّف أن يجد مَن يحلّ محلّه، وإلاّ فقد الوظيفة الجديدة التي كان يسعى إليها ويتمنى الحصول عليها، فلجأ إليّ فقبلت. ولم يكن في المدرسة كلها -على كبرها وعلى أنها المدرسة الأولى في دمشق- إلاّ نساء: مدرّسات وطالبات، ولم يكن فيها من الرجال إلاّ البوّاب على الباب والأستاذ أنور الذي حللت محلّه وشيخنا الشيخ محمد بهجة البيطار، وهو والدنا وأستاذنا وقد ارتفع بدينه وسنّه وسيرته فوق الشبهات.
ووجدت الطالبات يغطين رؤوسهن في درسي ودرس الشيخ
(١) في قوله: «كاد المعلم أن يكون رسولا»، والفصيح أن تُحذف أن.