للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونرغّبهم في مطالعة كتبها حتى يألفوها ويسهل عليهم فهمها. ولقد كنا في المدارس الابتدائية نقرأ الكتب الكبيرة، حتى إنني قرأت كتاب الأغاني كله (متخطياً إسناده والكثير الذي لا أفهمه منه) في عطلة الصيف التي أمضيتها بعد السنة الثانوية الأولى. وكنا يومئذ نُحسِن المراجعة في حاشية الخضري وفي المغني لابن هشام، وكان فينا من يَنْظم ويكتب، وعندي مقالات كتبتها في تلك الأيام قد لا تُرضيني أفكارها ولكن أسلوبها في الجملة يُرضيني اليوم.

وكنا نختلف إلى بعض العلماء، نسمع دروسهم العامة في المساجد ودروسهم الخاصة في البيوت، فما أكملنا الدراسة الثانوية حتى أتقنّا قراءة النحو على المشايخ وقراءة البلاغة والفقه والأصول والحديث، وحضرنا كتباً في التفسير والكلام، وعرفنا عشرات من أمّات كتب العلم وقرأنا فيها وتصفّحناها أو رجعنا إليها، وحفظنا أسماء مئات (مئات حقاً) من أعلام الإسلام من الصحابة والتابعين والفقهاء والمحدّثين والمفسّرين والفلاسفة والقُوّاد والأدباء والشعراء، حتى صارت أسناد الحديث والأدب مألوفة لنا لكثرة مَن عرفنا من رجالها، ومن لا نعرفه نرجع إلى ترجمته، وكنا في الثانوية نرجع إلى الإصابة وأسد الغابة والاستيعاب وتهذيب التهذيب وتهذيب الأسماء واللغات وابن خَلِّكان والفَوَات (فَوَات الوَفَيات) ومعجم الأدباء وطبقات السّبكي وتاريخ الخطيب وابن عساكر والديباج المُذهَّب وطبقات الحنفية وبغية الوعاة وتاريخ الخلفاء وابن أبي أُصَيْبعة ... وكانت هذه الكتب كلها وأخرى مثلها في مكتبة أبي، وكانت تحت يدي من تلك الأيام.

<<  <  ج: ص:  >  >>