للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأقحاح بعدما طلع فجر النهضة وبدا نور النهار؟

وما لشبابنا وحدهم -دون شباب العرب في كل العصور- هم الذين عجزوا عن تعلّمها والتمكّن منها؟ أهُم أقلّ ذكاء وأضعف عقلاً منهم جميعاً، بل ومنا لمّا كنا في مثل أسنانهم قبل عشرين سنة؟ إنهم في الحقيقة أذكى منا، ووسائل التعليم في هذه الأيام أكثر مما كانت على أيامنا وطريقته أسهل، ورُبّ بحث كنا نتصيد مسائله من متفرقات الكتب يُرى الآن مجموعاً في كتاب واحد ينادي: مَن يقرأ فيّ؟!

وما لهم يستصعبون العربية؟ وهل العربية أصعب عليهم من الكيمياء والجبر والهندسة؟ وهذه الألسن التي يَزحم بعضُها في رأس الطالب بعضاً من تعدُّدها، وما لأكثرها من فائدة تُلمَس أو عائدة تُحَسّ: اللاتينية (كتبتُ المقالة ونشرتها في مصر) التي أخذناها تقليداً بلا علم، والسريانية والعبرية والفارسية والتركية، ثم الفرنسية والإنكليزية وما لست أدري ماذا أيضاً ... أهذه العلوم وهذه الألسن كلها سهل جميل، كأنها قصة من قصص الغرام يشربها الطالب مع الماء ويأكلها مع الحلوى، والصعوبة كلها في العربية؟! وإذا كانت هذه العلوم وهذه الألسن صعبة كلها فما هو السهل الذي يذهب الطالب إلى المدرسة ليتعلمه؟ ولماذا نفتح المدارس ونُرهِق الأمة بنفقاتها، ونحمل المتخرجين فيها على أعناق الناس حملاً بما حصّلوا من العلم وما نالوا من الشهادة؟

لا، ليس في العربية صعوبة ولا في كتابتها وعلومها عسر، هذه ضلالة يجب أن ينتهي حديثها وأن لا نعود إلى إضاعة الوقت وإفساد النشء في الكلام فيها، ويجب أن نحبّبها إلى الطلاب

<<  <  ج: ص:  >  >>