للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما يختاره أو يكتبه مَن يسمّى بلند الحيدري. ولو شمّ رائحة البلاغة لبدّل اسمه. بلند؟ وما بلند، وما هو من أسماء العرب ولا العجم ولا الإنس ولا الجن، ولا أعرف له معنى! أنا أعرف البَلَنْط، وما في هذه الصفحة من «المجلة» كله بَلَنْط في بلنط! (١) وأنا ما أريد أن أسيء لأحد ولا أن أسمّع به، إن أريد إلاّ الإصلاح ما استطعت، ما بي عداوته، وكيف أعاديه وأنا لم أشرف بمعرفته ولم أحظَ بلقائه؟

وسّعوا صدوركم واذكروا أن لكلمة «الشعر» معنى محدداً استقرّ في أذهان أهل العربية من عهد الأفْوَه الأَوْدي (الذي كان كما قالوا على عهد سيدنا المسيح بن مريم عبد الله ورسوله ‘)، فهل تظنّون أنكم تستطيعون بمئة مقولة غير معقولة كهذه التي سمّيتموها قصيدة أن تمحوا من نفوس الناس معنى للشعر بقي فيها أكثر من ألف وسبعمئة سنة؟

إني أكرّم عقولكم، وأنتم لا شكّ من أصحاب العقول، عن أن أظنّ بها هذا الظنّ، وإني لأحسب أنكم لا تنشرون هذا الكلام الذي يُشبِه كلام المريض حينما يصحو من البنج بعد العملية، أو المخمور الذي تتقاذفه الجدران أو الذي أدمن المخدرات! أنا أعلم أنكم لا تنشرونه إلاّ من باب الطرفة والنكتة. ولا ضير في هذا، فمن حقّ الناس علينا أن نسرّهم وأن نُضحِكهم، فالدنيا مليئة بالهموم والأحزان فلِمَ لا نسلّيهم عنها؟ فالتسلية مطلوبة ولكن لا على حساب البلاغة والأدب ولا على حساب الدين.


(١) البلنط مادة كالرخام، إلا أن الرخام ألين منها (مجاهد).

<<  <  ج: ص:  >  >>