للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والإضحاك فنّ من الفنون، فأنا أجد في كثير من هذا الأدب الجديد نوعاً من مسرحيات إسماعيل ياسين أو عادل إمام، أو الإمام الآخر الذي يُضحك بثقل دمه ومحاولته أن يكون باحثاً عالِماً يُنشئ الفصول الطوال، يريد بها الجِدّ فلا يأتي منه إلاّ رواية مضحكة، لكنها تُضحِك بسخافتها لا بخفّتها ولطافتها، ويَذهب به الغرور حتى ليحسب أنه صار إمام الوطن العربي! (١)

إني أتابع قراءة «المجلة»، فهل تصدّقون أني لم أجد إلى الآن في قسم الأدب شيئاً يمكن أن يُقال له «أدب»، إلاّ شيئاً قليلاً يأتي بين حين وحين. فهل مات البُلَغاء ولم يبقَ ممّن يُنشر له ما يَكتب إلاّ هؤلاء الذين تُنشر مقالاتهم و «أشعارهم»؟

أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم إن كنت أسأت فيه إلى أحد، وما أظن أنهم ينشرونه، فإن نشروه كان ذلك دليلاً ظاهراً على أن مؤسسة آل حافظ الصحفية مؤسسة تقدّر الحرّية، حرّيتي أنا في أن أقول، وقد قلت، وحرّية من شاء أن يقول عني ما يشاء. وأنا أُعلِن من الآن أني لن أردّ إلاّ على واحد من اثنين: رجل له منزلة في الأدب وكلمة مسموعة في الناس لا يَحسُن الإعراض عن قول مثله، ورجل جاء بقولة لا يَحسُن السكوت عنها لأن فيها فكرة يوجب الدين إنكارها أو تلزم مصلحة الناس أو منطق العقل ردّها، وما عداها فليقُل فيه من أراد أن يأمن ردّي عليه ما يريد.

دفعني إلى ما قلت الألمُ ممّا آلت إليه حالنا والخشيةُ مما هو أشدّ منه؛ ففي المجلات ما يجمع إلى إهمال العربية محاربةَ


(١) غسّان الإمام، وكان يكتب في مجلة «الوطن العربي» (مجاهد).

<<  <  ج: ص:  >  >>