للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذكريات، ومنها ما استمر إلى الآن. استمرّ -والحمد لله- عملي في الدعوة، وفي التعليم، وفي الكتابة، وفي الخطابة، وانتهى عهد المسرح وقيادة الجماهير كما انتهى من قبله عهدي بالتجارة، والحمد لله أيضاً، فما ندمت على ما انصرفت عنه ولا على ما بقيت فيه.

ولما انتهت السنة الدراسية عدت إلى مصر ناوياً الإقامة فيها، وقدّمت أوراقي للجامعة، وقابلت الدكتور طه حسين عميد كلية الآداب والدكتور عبد الوهاب عزام، فكان اللقاء الوحيد مع الأول، وكان اللقاء مع الثاني بداية مودّة وصداقة ومحبّة استمرت حتى توفّاه الله: في مصر وفي دمشق وفي كراتشي، وسيأتي إن شاء الله الكلام عنه.

اخترت الجامعة ولكن الله ما اختارها لي، فقد كان خالي محبّ الدين على رأس من يردّ على طه حسين كتابه «في الشعر الجاهلي» وكانت «المطبعة السلفية» مركز الحملة عليه ودفع ما جاء به، ودخولي الجامعة يباعد ما بيني وبينه، وأنا إنما جئت مصر لأكون معه لا عليه. فدخلت دار العلوم العليا، وليس عندي شيء مكتوب يذكّرني بأيامها، وما كان في ذاكرتي ذهبَت به الأيام والليالي، فلست أذكر إلاّ أني كنت أركب الترام من باب الخلق إلى المنيرة، يمشي بي في شارع ضيّق ملتوٍ هو شارع الخليج الذي لم يعُد اليوم ضيّقاً ولا ملتوياً، وكان على جانبيه أبنية عتيقة تكاد تكون خرِبة فصار على جانبيه اليوم عمارات ضخمة عالية.

ولا أذكر من أساتذتها إلاّ الشيخ أحمد الإسكندري، مؤلف «الوسيط» الذي كنا نقرأ فيه تاريخ الأدب العربي، ووكيل المدرسة

<<  <  ج: ص:  >  >>