للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليهم مبالغ من المال ليكتبوا لهم ما يريدون (أو يريد أسيادهم المنتدِبون)، فاستقلّ معروف مرة المبلغ وجعل يساوم يطلب أكثر منه، فقال له الرئيس: ما هذا، هل هي قضية بيع وشراء؟ قال: نعم، إننا نبيعك ضمائرنا.

يبيعون ضمائرهم! فيا ما أرخص الضمائر في سوق النفاق!

وكان لكثرة ما يكتب في الشؤون الإسلامية يحسبه الناس -من بعيد- شيخاً صالحاً عابداً ويتصورونه متعمّماً ملتحياً، مع أنه كان أول من حلق شاربَيه في دمشق، وكان مفرَداً في ذلك. وقد زاره مرة جماعة من علماء الهند وكان يدخّن في النارجيلة، فقالوا له: أين مولانا الشيخ معروف؟

قال: فخفت إن قلت لهم "أنا هو" أن يكسروا النارجيلة على رأسي، فقلت لهم: سيأتي قريباً، فتفضلوا اقعدوا. ورفعت النارجيلة وجعلت أرقب الطريق، فمرّ الشيخ أديب تقيّ الدين نقيب الأشراف فقلت: ها هو ذا. وأشرت إليه ففهم، ودخل بهيئته وهيبته وجبّته، فقاموا إليه يقبّلون يده ورأسه.

ولست أريد أن أتقصّى أخبار معروف، وإن كنت أعرف منها الكثير، وما ذكرت منها هذا الذي ذكرت إلاّ لأجلو للقرّاء صورة من الحياة في ذلك العصر.

لبثت مع معروف خمسة أشهر استفدت فيها من أدبه، وإن (نسي ...) أن يدفع لي حقي في ماله على عملي عنده، واستحييت أن أطالبه. ولقيت عنده كثيراً من الصحفيين والأدباء، ولكن لم

<<  <  ج: ص:  >  >>