للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخالطهم ولم أندمج فيهم، وكان اجتماعي بهم في الجريدة في ساعات العمل، لم أقترب من مجالسهم في غيرها أو في غير وقت العمل، وكانوا يوقّرونني -على صغر سني- فلا يتحدثون عنها أمامي، وإن كانوا في حديثها ودخلت عليهم قطعوه أو بدّلوه، وما كنت يومئذٍ أسكت على منكر أراه ولا أستكبر أحداً عن أن أنكر عليه.

جاء شوقي أمير الشعراء دمشق مرة، فأغراني أنور العطار رحمه الله بأن أذهب معه لزيارته، وكان في فندق خوام الذي هُدم الآن وصار مكانهُ شارعاً. فوجدنا بشارة الخوري وشبلي الملاّط وشفيق جبري وحليم دموس، ومجموعة من الشعراء من هذه الطبقة، وأمامه مائدة عليها أواني الخمر. وكنت أحمل عصا فمددتها ومشّيتها على وجه المائدة، فحذفت كل ما كان عليها فكسرته! وتستطيعون أن تتخيلوا ماذا صار! اختلطَت بهم كاختلاط الزيت بالماء لا كاختلاط الماء بالخلّ.

* * *

كنت أكتب المقالة الثانية كل يوم، وربما كتبت الافتتاحية، فهذه أكثر من مئة وأربعين مقالة ما بقي لديّ منها إلاّ أربع أو خمس. أعود إليها اليوم لأقرأها بعين الناقد فأجدني راضياً عن أسلوبها وعن أفكارها، مع أني كتبت بعدها مقالات لا أرتضيها ولا يسرّني أن تُنسَب إليّ، منها مقالة «إلى مجلس المعارف الكبير» الذي كان يُعقَد أحياناً، نقدت فيها وزارة المعارف نقداً صادقاً صريحاً حمَل مستشار المعارف (راجِه) وجبّارها دنلوب

<<  <  ج: ص:  >  >>