لديه مبلغ من المال أرسله إلى اللجنة التي كان رئيسها سلطان الأطرش وأخذ منه إقراراً بـ «إيصال» المبلغ إليه ثم نشر صورة «الإيصال». فَطمْأَن بذلك المتبرّعين وسدّ الثقوب التي تمتدّ منها أصابع السارقين، وكانت سنّة حسنة عملَت بها بعده جمعيات وهيئات، سيأتي الحديث عنها في موضعه من هذه الذكريات إن أراد الله.
* * *
ولئن كان «أطفال الصحراء» يومئذٍ مئات أو عشرات المئات، وكانت مشكلتهم نقص الغذاء مع شدة الجوع أو فقد الكساء مع لذعة البرد، فإن أمامنا اليوم مشكلة أكبر، ليست الجوع ولا العري ولكن ما هو أشدّ من ذلك وهو الكفر، وهي مشكلة مئات الآلاف أو أكثر من ذلك، ممّن أخرجَتهم أحداث لبنان وغير لبنان من بيوتهم، ثم هَدمت بيوتهم أو نسفتها فلم تَبقَ لهم بيوت، وأودَت بأهليهم وأُسَرهم فلم تَبقَ لهم دار يسكنون فيها ولا قريب يسكنون إليه. لم تصنع ذلك «الأيدي الآثمة» للمجرمَين القذرَين بيغن وشارون فقط، بل صنع مثلَ هذا وأشنعَ وأبشع من هذا غيرُ بيغن وشارون، ناس أكفَر منهما كفراً وأعظم منهما جرماً. وما كل ما يُعلَم يُقال، وما كل ما يُكتَم لا يُعلَم، والمدار على من يفهم!
هؤلاء الأطفال وهم مئات الألوف، ما أحصيتهم ولكني ما بالغت في عدّهم، بل لعلّي نقصت لأنهم أكثر ممّا ذكرت، هؤلاء الأطفال مَن المسؤول عنهم؟ مَن يتولاّهم؟ لقد امتدّت الأيدي إلى انتشالهم، ولكنها أيدي المبشّرين وأيدي الشيوعيين وأيدي أمثالهم من المُلحِدين، أخذتهم لتبدّل أسماءهم وعقائدهم