ومعقود الجوز الأخضر قبل أن ينضج وتقسو قشرته حتى تصير كالخشب، ومعقود قشر النارنج، وزهره وهو من أعطر الزهر وأطيبه ريحاً، ومعقوده يُهدى إلى الملوك، ويبرع في صنعه أهل طرابلس الشام لأنه يكثر فيها كما يكثر في سواحل فلسطين، ردّنا الله إلى ديننا ليردّها إلينا.
ومن عمل المرأة (لا سيما في القرى) قطف الجوز وكسره واستخراج لبه، وتجفيف التين، والعنب حتى يصير زبيباً، وللزبيب أنواع منها ما ليس فيه بزر. وهذه الثلاثة هي أنقال الأسرة في ليالي الشتاء الطويلة، طيّبة الطعم مقوّية للجسم، كثيرة الحرّات (الكالوري) تدفئ الجسد من داخله إذ لم يكن عندهم مدافئ تدفئه من ظاهره.
أما تعب الأولاد فلا تكاد تعرف مداه أمهات هذه الأيام. إن الأم تجد اليوم الثياب جاهزة لهم و «الحفائظ» من القطن الناعم مهيّأة تستعملها ثم تلقيها، ولمن شاءت مدارس حضانة حتى للرضّع، (ولا أنصح غير المضطرة بطَرْق بابها)، وقد كانت المرأة تفصّل الثياب لهم بنفسها، وتغسل ««الحفائظ» بيدها، حتى إذا جفّت عادت إليها فاستعملتها. وكانت تسهر الليل كله إن مرض وليدها، لم يكن قد ارتقى طبّ الأطفال ولا أُعِدّت هذه العشرات من الأدوية والعقاقير، وقد تلقى بعد هذا التعب العقوقَ من الولد، كما لقيت أنا من ابن أبي الذي ربّيتُه صغيراً وكنت الأبَ له بعد أبيه الذي لم يعرفه، وأوليتُه من حبي ومن قلبي مثلما أوليتُه من نتائج كسبي، فكان أن قاطعني من أكثر من ربع قرن، حتى إنه لَيسكن البلد الذي أسكنه ولا أعرف عنوانه، ويعمل في الجامعة