للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من غير أطباء المستشفى هو الدكتور أحمد راتب، وأحضرت سيارة وحملتها إليها، وبلغنا عيادة الدكتور فلم نجده، وذهب من يفتّش عنه فجاؤوا به من المقهى في شارع بغداد، فشقّ الجلد لينظّف الجرح من غير أن يطهّر المشرط، فوضع هو أسباب الداء من حيث كنا نرجو على يديه الشفاء.

وأعدتها إلى الدار فإذا الألم يزيد ولا ينقص، كان في القدم فارتفع إلى الساق، فدعوت صديقي ورفيقي صبري القباني رحمه الله، وكان يعمل في مستشفى معهد الطب طبيباً داخلياً (١). فلما رأى ما بها قال: ماذا تنتظر؟ إلى المستشفى.

وذهبنا وكان أستاذ الجراحة الدكتور نظمي القباني حاضراً، فأدخلها إلى غرفة العمليات رأساً، ووقفت أنتظر كما يقف المتهَم أمام محكمة الجنايات ليسمع الحكم له بالبراءة أو عليه بالموت. وطال وقوفي وثقلَت الدقائق عليّ، حتى لأحسّ طقطقة الساعة الكبيرة على الجدار فوق رأسي كأنها مطارق تنزل عليه، إلى أن فُتح الباب وخرج الدكتور صبري يقول: لا بد من بتر الساق، فاكتب هنا أنك موافق.

ولم يدع لي وقتاً للتفكير لأن الأمر -كما قال- لا يحتمل التأخير، فكتبت وأخذ الورقة ودخل، ولبثت مثل المشدوه أفكّر كيف تدخل بساقين وتخرج بساق واحدة. وكَبُر عليّ الأمر ونسيت


(١) ويسمونه الآن طبيب امتياز، وهو الذي يتدرّب على العمل بعد نيله الشهادة.

<<  <  ج: ص:  >  >>