للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اجعلني شرطياً. فضحك الوزير وقال: شرطي له لحية تغطّي صدره وتبلغ سرّته؟ قال: يا سيدي أحلقها. قال: عندما تحلقها تعالَ.

فذهب أبو عجاج إلى حلاّق بجوار دكّانه وقال له: أترى هذه اللحية؟ احلقها بالموسى. فظنّه الحلاّق مازحاً، فلما رأى منه الجدّ فزع وخاف أن يحلقها له فيندم عليها ويبطش به، فخرج فنادى الجيران وجمع عليه طائفة من الناس وقال: اشهدوا، أبوعجاج يريد أن أحلق له لحيته وأخاف أن يندم فيرجع عليّ. قال أبو عجاج: نعم، اشهدوا أني أفعل ذلك مريداً مختاراً وأنه غير مسؤول عن شيء. فحلقها له، فبَرَمَ شاربَيه (١) ولبس بذلة، وذهب إلى شاكر بك فلم يعرفه. فقال له: محسوبك أبو عجاج. فقال له الوزير: ما هذا يا أبا عجاج؟ ماذا صنعت بلحيتك؟ قال: سيدي، حلقتها مثلما أمرت من أجل الوظيفة. قال: أي وظيفة؟ قال: وظيفة الشرطي التي وعدتَني بها، أنسيت؟ قال: ولكن عليك أن تنتظر حتى تصدر الموازنة بعد شهرين. قال: بعد شهرين؟!

وغلى الدم في عروقه، فذهب فأغلق باب الغرفة من الداخل بالمفتاح وقال له: (شوف) شاكر بك، أنت صاحبي ولكنك قتلتني حين أمرتني بأن أحلق لحيتي من أجل الوظيفة، ثم جئت تتهرّب من وعدك! إنك تعرفني تماماً، والله أشرط بطنك بسكّين في ليلة ما فيها ضوء قمر، وخلِّ وزارتك وعساكرك يخلصونك مني.

فأراد أن يمدّ يده إلى الجرس ليستدعي الشرطة، فقال له: يَدَك عن الجرس، وصلَت المسألة إلى حدها، وأنت الجاني على


(١) «برم شاربَيه» كلمة عربية فصيحة.

<<  <  ج: ص:  >  >>