زمان، أي أن فعل القراءة «مفعول فيه»، أي في هذا الزمان، وهو منصوب. "قرأ زيد الكتاب قائماً" فماذا كانت حالته وهو يقرأ؟ قائماً، فكلمة «قائماً» حال. "قرأ زيد الكتاب احتراماً للأستاذ"، لأجل ماذا قرأ؟ احتراماً للأستاذ، فكلمة «احتراماً» مفعول لأجله، أي أنّ فعل القراءة مفعول لأجل الاحترام.
ومشيت على هذا الطريق، فانتقلت من الأسماء الصريحة إلى الضمائر إلى أسماء الشرط، إلخ. ثم يُكلّف الطالب تلخيص الرواية التي قرأها، ثم ننظر في أسلوبها بالمقدار التي يصلح لأمثال هؤلاء الطلاّب. ندرس أغراض الكاتب فنصنّفها، وننظر تسلسل أجزائها وهل وُفّق في عرضها، وهل هي أغراض مبتكرة أم قلّد غيره ممّن سبقه، وهل زاد عليه أو اقتصر على ترديد أفكاره، إلخ. ثم ننظر في كلماتها: صِحّتها وفصاحتها، حسن ائتلافها أو تنافرها، وضوحها أو غموضها وغرابتها. ثم ننظر في الجُمَل: هل هي قصيرة بيّنة أم طويلة معقّدة، هل تقتصر على إيضاح المعنى أم تضمّ إليه الإيقاع الموسيقي الذي يسهّل على اللسان النطقَ بها ويجمّل في الآذان وقعَها، والزينة الكلامية، ومزج الحقيقة بشيء من الخيال من باب الاستعارات وأنواع المجازات، إلخ.
أي أنّني ألقّن الطلاّب العربية على نحو ما كان يتلقاها العربي الأصيل، بالتلقّي والسماع لا بالحفظ والإرجاع، وبذلك تصير له ملَكة لا محفوظات.
ثم وقعت على كتاب فرنسي في الإنشاء لأستاذ اسمه بوسلي (M. Baucely) فيه أربعة وعشرون درساً بين نظري وعملي، يشرح فيها المراحل التي يمرّ بها ذهن الكاتب، وإن كانت تمرّ