للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما كنت أرجوه بل وما أتمناه، ولو أن مثله أعلن عنه في أيامنا هذه على شدة الحاجة إليها، فكم ترونه يقبل عليها؟ فلما جاء الصيف وابتدأت العطلة وسّعتُها وسَمّيتُها «المدرسة الصيفية»، وطبعت رسائل (عندي بعضٌ منها) بعثت بها إلى المدارس الثانوية الرسمية والأهلية والنصرانية، فبعضٌ منها قبله مني وشكرني عليه ووزّعها على الطلاّب، وبعضٌ نبذها أو ردّها أو أبادها. وكان نجاحها عظيماً، عادت عليّ وعلى المدرسة بالمال الذي أحتاج إليه، وعلى الطلاّب بالنفع الذي يحتاجون إلى مثله، وكان لها في الناس صدى طيّب وذِكر حسن.

ولم أكن ألقي عليهم النحو قواعدَ جافّة وأوزاناً يحفظونها، ولكن اخترت كتاب «رنّات المثالث والمثاني في روايات الأغاني» (أي أغاني أبي الفرج الأصفهاني، أعظم كتاب في الأدب وهو من أسوئها في الخلق والدين)، فكنت أقرأ الرواية ثم أكلّف طالباً قراءتها قراءة صحيحة، فإن لحن وهو يقرأ نبّهتُه. وكنت في كل درس أُعنى بباب واحد من أبواب النحو، المرفوعات مثلاً أو بعضها: الفاعل أو المبتدأ والخبر، أعرّف الطلاّب به وأشرحه لهم، وأقتصر في تصحيح اللحن (في هذه الساعة) عليه وحده دون غيره.

وجئت بطريقة للإفهام اقتبست أصلها من النحو الفرنسي (الكرامير)، مثالها: "قرأ زيد"، أسأل: مَن الذي (أو ما الذي إذا كان الفاعل غير عاقل) قرأ؟ الجواب: زيد، فيكون «زيد» هو الفاعل. "قرأ زيد الكتاب"، قرأ ماذا؟ الكتابَ، فـ «الكتاب» مفعول به. "قرأ زيد الكتاب مساءً" متى قرأ؟ مساء، فـ «مساء» ظرف

<<  <  ج: ص:  >  >>