ثم أخذ الشباب ينفضّون عنها كما أقبلوا عليها ولم يبقَ معي إلا قليل، ثم لم يبقَ غيري. وثبتّ عليها سبعة أشهر قاسيت خلالها متاعب كثيرة من العباءة (المشلح)، إن تسلّقت الترام في الزحام علق طرفها في الباب أو داس عليه أحد الركّاب، أو انفتحت فدخل فيها أحد أو سُحبَت عني فخرجت أنا منها، وإن دخلت المطبعة (في الجريدة) تلوّثَت بالحبر أو علقَت بالآلات.
ولكنها حققت ما كنا نؤمّله منها وهي أن نوقف سريان القبّعات، فقلّت حتى انقطعت أو كادت. ولكنا ما عدنا إلى الطرابيش، بل غدونا حفاة من فوق ... نمشي حاسري الرؤوس، حتى صار الحسور وكشف الرأس عاماً يشمل الأساتذة والوزراء ورؤساء الدول.
وصار الحديث عن الطرابيش وكيّها ودكاكين الكوّائين والازدحام عليها ليلة العيد، من أحاديث الماضي البعيد.
لقد أحسنّا بالخلاص من القبّعات، فهل أحسنّا كذلك بإبطال الطرابيش؟ لست أدري، ولكن الذي أدريه أنني ما قصدت فيما صنعت إلا الخير.