للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يسمح لمن جاء بالعقال أن يظهر به (وكان قد منعهم منه فلفّوه ووضعوه في حقائبهم). واستقبلني بالترحاب ودعاني ومن معي إلى الشاي معه في غرفته، وجعل يروغ بالحديث عما أدركَ أنني جئت من أجله حتى اطمأن إلى أن العقالات ظهرت في باحة المدرسة، فقال: نعم؟ أمر؟ قلت: أحببت أن أسأل: هل عندكم قانون يمنع التلاميذ من اتخاذ العقال وهو شعار العرب و ... فقاطعني مظهراً الدهشة وقال: ومَن منعهم؟ أعوذ بالله، أبداً ما عندنا شيء من هذا، وتفضّل انظر.

وخرج بي إلى الباحة فرأيت العقالات في كل زاوية من الزوايا وكل مكان من المدرسة! لقد خاف أن يوقع نفسه في ورطة معي لأني كنت يومئذ خطيباً شعبياً قادراً على إثارة الناس، ورئيسَ لجنة الطلبة، وعاملاً في أكبر جريدة في البلد.

* * *

انتشر العقال حتى اتخذه بعض وجهاء البلد. وفي مجلة «الناقد» صورة لي بالعقال مع الأمير سعيد الجزائري، حفيد الأمير عبد القادر ورئيس أول حكومة (مؤقّتة) بعد نزوح الأتراك، ورضا باشا الصبّان وغيرهم، ولكني لم أجد عدد المجلة هذا عندي.

وتناقلت الصحف الفرنسية والإنكليزية من وكالات الأخبار نبأ هذه الحركة موسَّعاً مبالَغاً فيه، وزعمَت جريدة «الطان» (أي «الزمان»، أكبر الجرائد الفرنسية يومئذ)، أننا أحرقنا الطرابيش في مرجة الحشيش (وهي الآن الملعب البلدي ومعرض دمشق الدائم)، وعُلّق عليها تعليقات وفُسّرت تفسيرات لم أسمع بها أنا

<<  <  ج: ص:  >  >>