الذكريات. إنها نعمة من الله عليّ أن اضطرّتاني إلى كتابة ما بقي عندي منها. ولكن نِعَم الدنيا لا تصفو ولا تخلو من المنغّصات، والمنغصات هي هذه الأخطاء المطبعية التي كان صديقنا الكبير النشاشيبي يسمّيها «التطبيعات». ولا يؤذيني منها أمثال «أغاني أبيالفرج الأجهاني» فإن القارئ يدرك أنها من صَفّاف الحروف، ولكن يؤذيني أن يُنسَب إليّ أني كتبت «عشرة مرات» بدلاً من «عشر مرات» و «سكراناً أو نعساناً» بدلاً من «سكران أو نعسان» كما جاءت في «باب الفتاوى»، كأني ما تعلمت باب الاسم الذي لا ينصرف ولا علّمتُه. وقد قلت لكم في الحلقة السابقة إنني فتحت «المدرسة الصيفية» لتعليم العربية من أكثر من نصف قرن.
بلى، الآن عرفت ما هو «الفعل» الذي لا ينصرف. إنه هذه «التطبيعات». إنها «لا تنصرف» إلاّ إن صرفها الأستاذ الشيباني! بنو شيبان -يا أستاذ- صرفوا عنّا العار وأكسبونا الفخار في «ذي قار»، أفلا تصرف أنت عني هذه الأضرار؟
* * *
الكلام عن شاكر بك الحنبلي في حديث أبي عجاج يجرّني إلى بعض الحديث عن كلية الحقوق التي كنت من طلابها سنة ١٩٣١.
قُبلت طالباً فيها (كما يقول السجلّ الرسمي الذي أمسك في يدي الآن صورة مصدَّقة عنه) في ٤/ ١١/ ١٩٣٠، مع أننا أخذنا البكالوريا الأولى قبل ذلك بسنتين، فسعينا أنا ورفيقي محمد الجيرودي فقبلونا بها طالبَين في معهد (أي كلية) الحقوق، بشرط