مِن غيرهم في ديني ... إذا جاء حكم الدين بطلت المجاملات!
كذلك كانت صلتي بفارس الخوري؛ صلة تلميذ يقدّر أستاذه ويأخذ من علمه، وسترون أن ذلك كله لم يمنعني أن أعلن أن الإسلام لا يُجيز انتخاب غير المسلم نائباً في مجلس يشرّع القوانين للمسلمين. ولم يسمع الناسُ مثلَ هذا الكلام جَهاراً من أحد قبلي، وسيأتي تفصيل هذا الإجمال في موضعه من سلسلة المقال.
كان فارس الخوري أحدَ عباقرة العرب في هذا العصر علماً وفكراً وبياناً. ورُبّ عالِم واسع المعرفة كثير الاطّلاع لكنه غير مفكّر، ورُبّ مفكّر سديد الفكر بعيد الغور ولكنه ضيّق المعرفة، ورُبّ عالِم مفكّر لكنه ضعيف البيان عَيِيّ اللسان. أما فارس الخوري فقد جمع الله له الثلاثة، وكنت أعجب منه كيف يكون له هذا الاطّلاع على الإسلام وهذا العقل، ولا يهديه عقله إلى اتّباع دين الحقّ الذي لاحقّ في الأديان غيره! لا سيما أنه كان يتمسك بأوهى خيط من النصرانية، فقد كان بروتستنتياً، بل كان أقرب إلى أن يكون بلا دين.
فلما مرض وطال مرضه رأيناه كلما عاده أحد من المسلمين حدّثه عن الإسلام، وكان يُكثر أن يطلب من شيخنا الشيخ محمد بهجة البيطار (ومن غيره) أن يقرأ عليه القرآن، وأوصى (ونُفّذت وصيته) أن يُتلى القرآن في مجلس التعزية به إذا مات. فكنت أحار في تفسير هذا كله، حتى نشر الأستاذ محمد الفرحاني كتابه عنه (وقد كان ملازماً له في مرضه لا يفارقه أبداً) فإذا هو يؤكّد أنه