للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العمر، نقصد هذه الحفلات لننقد الخطباء ونبتغي لهم المعايب، فمَن لم نَعِبْ فكرته عِبْنا أسلوبه ومن لم ننتقص إنشاءه انتقصنا إلقاءه! وخطب في هذه الحفلة كثير، وألقى فيها شاعر الشام شفيق جبري إحدى روائع قصائده، وكنا ننتظر من حافظ قصيدة مثل شاميته الأولى، فكأنه أُرْتِجَ عليه فاكتفى ببيتيه المشهورَين:

شكرتُ جميلَ صُنعِكمُ بدمعي ... ودمعُ العينِ مقياسُ الشعورِ

لأوّلِ مرّةٍ قدْ ذاقَ جَفني ... -على ما ذاقهُ- طعمَ السرورِ

ولم يأتِ فيهما بشيء! وكان فيمن خطب رجل قصير القامة كبير الهامة أبيض الشعر، ألقى قصيدة لا أزال أذكر أن مطلعها كان:

ليالي التّصابي قد جفاني حُبورُها ... ولُمّتيَ السوداءُ أشرقَ نورُها

ومَن لي بإنكارِ الحقيقةِ بعدَما ... تجلّى على وجهي وَفَودي نذيرُها

تذكّرتُ أيامَ السرورِ التي مضَتْ ... فيا ليتَ شِعري هل يعودُ سرورُها؟

أسِفْتُ على عهدِ الشبابِ ولم تعُدْ ... تُثيرُ فؤادي مقلةٌ، وفتورُها

وأدنَتنيَ الأيامُ من هُوّةِ الوَنى ... فأصبحَ منّي قابَ قوسٍ شَفيرُها

وكادَت صُروفُ الدهرِ تطوي صحائفي ... وهل بعدَ هذا الطيّ يُرجى نُشورُها

<<  <  ج: ص:  >  >>