للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها:

أَحافظُ حيّيتَ الشآمَ تحيّةً ... يفوقُ عبيرَ الوردِ منها عبيرُها

وألبستَها ثوباً منَ الحمدِ دونَهُ ... حدائقُها في زَهوِها وزهورُها

وطوّقتَها بالحبِّ والعطفِ رِبقةً ... قلادةَ أسرٍ لا يُفادى أسيرُها

وهي طويلة. وأقول الآن: إنها موجودة في الكتاب القيّم الذي لم يصنع وفيٌّ لحافظ وشوقي مثلَه، هو كتاب «ذكرى الشاعرَين» للأستاذ أحمد عبيد الذي جمع فيه ما كُتب عنهما وما قيل فيهما، وكانت هذه السنة (أي سنة ١٩٨٢) وقت الحاجة إلى تجديد طبعه لمرور نصف قرن على وفاته.

أقول: إنها قصيدة جيدة، ألقاها بصوت كان قوياً على انخفاض، مدويّاً على وضوح كأن له عشرة أصداء تتكرر معه، فتحسّ به يأخذك من أطرافك ويأتي عليك من الأقطار الأربعة، فتسمعه بأذنيك وقلبك وجوارحك، بل تكاد يدك تلمس فيه شيئاً ضخماً ... على صحّة في المخارج، وضبط في الأداء، وقوة في النبرات، وثبات في المحطّات. هذا الصوت الذي له هذا الدويّ كله يخرج من فم صاحبه باسترسال واسترخاء، لا يفتح له شدقه ولا يمُدّ نَفَسَه ولا يُجهد نَفْسَه، فأنسانا أن ننتقد القصيدة أو نجد لها العيوب، وملك بها قلوبنا وقلوب الحاضرين فصفّقنا حتى احمرّت منّا الأكفّ. وقلت لسعيد: من هذا؟ قال: هذا فارس الخوري.

<<  <  ج: ص:  >  >>