وعلّق الأستاذ العقاد على مقالتي فقال: ومن أصغى إلى هذا الخطيب المطبوع وهو يتكلّم عَلِمَ أنّ أداة البيان قد تَمّت له لفظاً وحساً كما تَمّت له بداهة ومعنى، فصوته من تلك الأصوات الغنيّة كما يقولون في اللغات الأوربية، لا تحسّ فيه جهداً ولا حاجة إلى جهد لأنه يملأ عليك جوانب السمع، كأن له عشرة أصداء تتكرر معه كما قال الأستاذ الطنطاوي في وصفه.
* * *
وكنت قد سمعت باسم فارس الخوري قبل ذلك بزمان، من سنة ١٩١٩، وكنت تلميذاً في السنين الأواخر من المدرسة الابتدائية وكان هو علَماً من أعلام السياسة وكان وزير المالية، وكان قبل ذلك (أي سنة ١٩١٢) نائباً عن دمشق في مجلس المبعوثان (جمع فارسي لكلمة مبعوث)، أي مجلس النوّاب العثماني، وعُيّن بعد الحرب أستاذاً في معهد (أي كلية) الحقوق.
ومرّت الأيام، واشتغلت بالسياسة كما عرفتم، وصرت واحداً من قادة الطلاّب، وكنت محرّراً في «الأيام»، جريدة الكتلة الوطنية التي كان الطلاّب وكان الشباب يأتمرون بأمرها ويعملون بقيادتها، وكان في دار الأيام بهو يجتمع فيه (كما سبق القول) رجالها؛ هناك عرفت فارس الخوري كما عرفت هاشم الأتاسي وشكري القوّتلي وسعد الله الجابري ولطفي الحفار وجميل مردم وزكي الخطيب وعفيف الصلح وفخري البارودي وإخوانهم. وكنت إذا احتاجوا إليّ دعوني فحضرت طرفاً من مجالسهم التي