للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطلاّب. ولا تحسبوا الطلاّب فتية صغاراً كمن تحوي المدارس، إنهم كانوا طلاباً من صنف نادر، ذلك أنهم لما أنشؤوا هذه الكلية فتحوا أبوابها لكل مدرّس ومعلّم لمن شاء منهم أن يحصل على شهادة عالية، وما أكثر من كان يريد الحصول عليها لحاجته إليها! فكان من أصغر الطلاّب أنا ورفاقي أنور العطار وسعيد الأفغاني وجميل سلطان وزكي المحاسني وأبو سلمى عبد الكريم الكرمي، ومَن هم أكبر منّا سناً كسليم الزركلي، أو لعل بعض هؤلاء لم يدخلوها (نسيت لطول العهد). وأذكر يقيناً أنه كان من طلاّبها مَن كانوا في سن آبائنا كالشيخ زين العابدين التونسي الذي كان أستاذنا في المدرسة السلطانية الثانية سنة ١٩١٩ وكان قبل ذلك أستاذاً في المكتب السلطاني العربي أيام العثمانيين، وهو أخو الشيخ الخضر حسين شيخ الجامع الأزهر. والأستاذ عبد الغني الباجقني الذي كان مدير مدرسة ونحن تلاميذ في الابتدائية، وهو رجل عالِم بالعربية فقيه مالكيّ واسع المعرفة، من أفصح من عرفت لهجة، يكاد يكون كلامه كله فصيحاً (لا أعرف مثله في ذلك إلا قليلاً، منهم الشيخ بهجة البيطار والأستاذ محمد البزم، ومن إخواننا الأحياء المحامي محمد كمال الخطيب). ولما كنت رئيس مجلس الأوقاف ومات مفتي المالكية في دمشق رشّحته (أي الباجقني) لمنصب إفتاء المالكية لأن عندنا في دمشق مفتياً رسمياً لكل مذهب من المذاهب الأربعة. وقد عاد في آخر عمره إلى بلده في طرابلس الغرب (ليبيا، وكان سلَفنا يدعوها «لوبية») وتُوفّي فيها.

هؤلاء هم الطلاّب الذين كانوا يشاغبون الأساتذة، حتى إن

<<  <  ج: ص:  >  >>