يخجل به لأن ما ملأ عينيه ممّا كان في الحفرة التي نزل فيها منعه أن يرى صنعه فيخجل ممّا صنع. لقد ركبه شيطان شهوته حماراً ذَلولاً إلى غايته، فمضى مسرعاً لا هو يقف ولا يصادف من يَقِفه، بل يأتي من يدافع عنه.
فكيف يكون عربياً ويكون مسلماً ويكون «شريفاً» من يقيم نفسه حارساً للأنجاس مدافعاً عن لصوص الأعراض؟ لقد أدركت من أكثر من أربعين سنة خطر هذه «الشجرة الملعونة» يوم نبتت في طريق الأدب نبتةً ضئيلة هزيلة فحذّرتُ منها، وقلت في مجلة «الرسالة»: اقلعوها قبل أن تغلظ ساقها وتطول أغصانها ويعظم شوكها فلا تقدروا عليها. فما سمعوا تحذيري، حتى صارت عثرة في طريق الأدب تمزّق بشوكها السامّ ثيابَ البنات الغريرات فتدعُهن عرايا بلا ثياب. أفنأخذ شِعراً جميلاً وأدباً رفيعاً، علينا أن ندفع ثمنه من أخلاق فتياتنا وأعراض بناتنا؟ ولو كانت هذه المبادلة لبنتِ مَن يتطوع (لحساب الشيطان) للدفاع عن هذا الفسوق والعصيان أو لأخته، أفكان يرضى بها؟ إن رضي فأبعده الله وأخزاه.
أنا رجل مشتغل بالأدب، وأنا من خمس وخمسين سنة أكتب وأنشر ولي صفحات لا يستطيع أعدى الأعداء أن ينكر أنها من جيد الأدب، وأنا مع هذا أقول: لعنة الله على الأدب وعلى الشعر وعلى الفنّ، إذا كان لا يجيء إلا بذهاب الدين وفقد الشرف، وضياع العفاف وهتك الأعراض.