للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لطفي الذي دعانا إلى العشاء. وكنت من صغري أكره الدعوات، ولكني لم أكُن قد اتخذت رفضها سُنّة دائمة لا أحيد عنها كما أفعل من عشر سنوات. وأنا لا أحبّذ المخالفة عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسُنّته هي الطريق المستقيم وهي الرأي الحكيم، ولا أدعو أحداً إلى تقليدي بل أدعوه إلى إجابة دعوة الأخ المسلم فهي من حقّه عليك، وأنا أستغفر الله من رفضها والهرب منها، وما فعلت ذلك إلا لأنه آنَسُ لحالي وأعون على إنجاز أعمالي وأحفظ لوقتي، ولو أني أجبت كل دعوة واستقبلت كل قادم وودّعت كل مسافر وهنأت كل مسرور وعزّيت كل مُصاب (وكل هذا مطلوب محبوب، يقوّي المحبة ويزيد الألفة) لو فعلته لما كتبت شيئاً ولا خطبت ولا حاضرت ولما وجدت وقتاً لمطالعةٍ ولا لمراجعةٍ.

وحياتي كلها ثلثها نوم، وثلثها عمل لا بد منه ولا غَناء عنه، والباقي منها أنفق أكثره في المطالعة، فهي أنس نفسي وغذاء عقلي. ولو أني أجبت دعوة إياد واعتذرت لعمرو (١) لأغضبت عَمْراً، لذلك أعمّ بالاعتذار الجميعَ وأستغفر الله. ومن عذري أن من يدعوني يطعمني ما هو ألذّ من طعامي المعتاد، ولكنه يسلبني حرّيتي في اختيار وقت الأكل وتحديد نوعه وانتقاء من يأكله معي، وربما أطعمني ما لا أريد مع من لا أحب في غير الوقت


(١) إياد الطبّاع وعمرو حتاحت من أحفادي الذين بلغوا إلى الآن عشرين، منهم من الأطباء والمهندسين، كما بلغ أولاد الأحفاد إلى الآن (١٤٠٤) ثمانية، وفّقهم الله إلى ما يرضيه.
قلت: ثم زاد الحَفَدة اثنين فصاروا اثنين وعشرين، وبلغ أولادهم (وأنا أعدّ هذا الجزء للنشر) سبعة وأربعين (مجاهد).

<<  <  ج: ص:  >  >>