للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبعث الروحَ في بلدة كادت من الركود تفقد الروح، فزُيّنت دار الحكومة ورُفعت على المنازل والدكاكين الأعلام، ودرّبوا الطلاّب والشباب على التحية والسلام.

قلت: ما هذا؟ قالوا: إن مؤتمر العشائر (أو اجتماع رؤساء العشائر، نسيت ماذا كان اسمه) سيُعقد هنا.

وكان الفرنسيون (على عادة كل مستعمر وكلّ عدوّ، والإسرائيليين الأشرار الآن في لبنان) يفرّقون الناس، يجعلون الأمة الواحدة أمماً والدولة دُويلات، لذلك جعلوا للعشائر من بدو الشام قانوناً خاصاً يمتازون به عن الشعب المحكوم بالقانون العامّ، أحيوا فيه أعرافهم وثبّتوا عاداتهم وجعلوا لهم حُكّاماً من أنفسهم. لا حباً بهم ولكن فصماً لهم عن جسم أمتهم وإقامة كيان لهم خاصّ بهم.

وكانت أكبر القبائل عندنا «الرولة» (١)، وهم فرع من عنزة، وعنزة بن أسد من ربيعة (ومنهم آل سعود الكرام)، وكان شيخ مشايخ الرولة نوري الشعلان. ولما كانت الجزيرة مقسّمة «في كل ناحية ملك وسلطان»، وكان ابن سعود في نجد (بعد توحيد نجد) وابن الرشيد في حائل، كان النوريّ في «القُرَيّات» وكانت له فيها شبه دولة. ولا يعرف مبلغ ما وفق الله إليه عبد العزيز من توحيد الجزيرة وإقامة هذه المملكة، التي أكرمها الله فجعل لها بين الدول وزناً راجحاً ورفعها مكانة عالية، ومنّ عليها بالمال وبنوابغ


(١) ويدعونها «رْوَلَة» بتسكين الراء وفتح الواو، مع أن العرب الأولين ما كانوا يبدؤون بساكن ولا يقفون على متحرك.

<<  <  ج: ص:  >  >>