للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُعجَب به ولكن لا يطرب، أو تذكّره الأغنية المكان الذي سمعها فيه والناس الذين كان معهم والشعور الذي كان يشعر به، وهذا كله غير الطرب. نحن نطرب للأغنية «الفولكلورية»، أي التي صارت ملكاً للناس كلهم ونُسي واضعُ لحنها، كالعتابا في الشام، ونخلتين بالعلالي في مصر، والأبوذية في العراق ... ومن الأغاني ما ينتشر ويأتي على كل لسان وما هو من «الفولكلور» كأغنية «يا مال الشام يا الله يا مالي»، فهي لأبي خليل القباني.

لم يبقَ في ذهني من أغنية أم كلثوم إلا هذه الكلمات، ولم أحب أن أبحث عنها وأعرف مطلعها لئلاّ أفسد هذه الصورة الحلوة التي بقيت لها في ذاكرتي. أما النغمة فإن لي أذناً واعية، ما سمعت نغمة مرتين إلا حفظتها. قد لا أستطيع أن أؤدّيها ولكني أميزها، لذلك قلت وأصرّ الآن على ما قلت: إن لحن «بلادي بلادي منار الهدى» الذي يقول «فلان» إنه له، هذا اللحن بذاته أحفظه من أكثر من نصف قرن، وكثير من المصريين يحفظونه، وكلماته معارضة لأنشودة مصطفى صادق الرافعي، وهو غير نشيد «بلادي» المعروف الذي وضع لحنَه سيد درويش. قلت هذا لكن ما أَحَبّ أحدٌ أن يصدّق ما قلت، وجاؤوا بشهود (عدول!) فشهدوا أن اللحن الذي أحفظه من خمسين سنة هو لهذا الملحّن الشاب ... إلا أن الملحن الأول سرقه منه من قبل أن يولَد!

* * *

وارتجّت البلدة يوماً وازدادت فيها الحركة، وظهر فيها الاستعداد ليوم لا تشبهه الأيام، حرّك الساكن وأظهرَ الكامن

<<  <  ج: ص:  >  >>