للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التحدّث بالفرنسية، مع أني أفهمها إذا قرأتها وأني درست أدبها مثلما درست أدب العرب.

ومما صنعوه أنهم رفعوا من المنهج تاريخَ العرب والمسلمين إلا ما خافوا من رفعه، وهو كلام موجَز شديد الإيجاز في السيرة وكلام أوجَزُ منه عن الخلفاء الراشدين والأمويين والعباسيين، أما الشرح والتفصيل والعرض المغري الجميل فلتاريخ فرنسا من عهد الملوك الأوّلين إلى الثورة إلى ما بعدها، حتى صار الطلاّب يعرفون من سيرة لويس الرابع عشر ونابليون أكثر ممّا يعرفون عن عُمَر وخالد! بل إنني أعرف أنا اليوم من ذلك وممّا قبله وما بعده مثل الذي أعرفه من تاريخنا.

* * *

لو كنت أعلَم وأنا معلّم في مدرسة سلمية سنة ١٩٣٢ أني سأُكلَّف الكتابة عنها سنة ١٩٨٣ لقيّدت في دفتري أحداثها وسجّلت مناظرها ولما تركتها تهرب، فماذا أصنع وقد هربَت؟

لم يبقَ لديّ من سلمية إلاّ مشاهد معدودة قد ارتبطت بحادثة أو بمكان أو بنغمة. نعم، إن من الذكريات ما يرتبط ببعض النغمات. كنت أسمع وأنا في الفندق أغنية لأم كلثوم لا أحفظ منها إلاّ كلمات «مين بحبه شاف هنا زيي أنا» من تلحين زكريا أحمد. وقد لحّن لأم كلثوم كثير ولكن أطرب ما غنّته ما لحّنه الشيخ زكريا. والفنّ غير الطرب، قد يكون معه وقد يفارقه، والطرب ذكريات قديمة مدفونة في أعماق العقل الباطن، لذلك يكذب من يدّعي أنه يطرب للغناء الإفرنجي بمجرد أنه أقام سنوات هناك. قد

<<  <  ج: ص:  >  >>