للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حسني سبح) لإكمال دراستهما في لوزان سنة ١٩٢٤ أو ١٩٢٥ جاؤونا به ليدرّس لنا، وكانت دراسته في إسطنبول فكانت عربيته مكسّرة، وكنت أصحّح له لغته بطلب منه، وكان يمزح معي ويحبّني. فأنست به لمّا رأيت أنه هو المفتّش، وكان -كغيره من الموظفين- يساير الفرنسيين، لكن ما علمنا منه خيانة ولا انحيازاً إليهم فيه ضرر على الوطن.

وكانت جلسة أستاذ مع تلميذه لا معلّم مع رئيسه. وسألني عن الكلية فخبّرته أني إن لم أذهب لأدفع القسط وأستكمل «الميمات» ضاعت عليّ السنة. قال: هل تكفيك إجازة أسبوع؟ قلت: نعم. فقال للمدير: وماذا نصنع بدروسه؟ قال: أقوم بها أنا.

ولقد كافأت الدكتور (المفتّش) بعد ذلك بإحسانه إليّ؛ ذلك أن القوم ائتمروا به وأقاموا عليه الصحف وأوغروا عليه صدور الرؤساء حتى أُبعِدَ عن عمله، ولم يجد ممّن كان يتردّد عليه ويتزلّف إليه مَن ينطق في نصره بكلمة، فانبريت للدفاع عنه بمقالة كان لها مثل حدّ السيف ومثل حرّ اللهب، وما كذبت فيها وما قلت إلا حقاً، فردّت إليه كرامته وأنعشَت نفسه.

* * *

وجاء يوم العطلة.

وكنا ننتظر هذا اليوم لنودّع فيه أيام الكدّ والتعب ونستقبل أيام الراحة والأُنس، وكنا جميعاً في بهجة، نركب بالمزاح زميلنا

<<  <  ج: ص:  >  >>