للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مقامك. فذهبت فإذا «إبريق» الشاي الأخضر ينتظرني مع كلمات أحلى من سكّر الشاي.

ما كان يؤلمني شيء مثل ألمي لإضاعة سنتي في كلية الحقوق، فقال لي يوماً: إن السيارة مُعَدّة لتحملك إلى حمص، فأِعدّ حقيبتك فستذهب إن شئت إلى دمشق. قلت: وماذا أصنع في حمص؟ قال: إن المفتّش يطلبك.

وكان في دمشق الوزارة وفي حلب دائرة للمعارف، أمّا حمص وحماة فمَردّ أمر مدارسهما كلها إلى مفتّش واحد مقرّه حمص. فكاد العناد يعصف برأسي وأقول: ماذا يريد مني؟ وهل أنا جندي عنده يستدعيني فأذهب ويعيدني فأعود؟ وكدت أرفض، ولكن طيب المدير ولطفه وإخلاصه عقد لساني. وأنا لا أُغلَب إلا باللطف، فإن هوجمتُ وجدت الفرج لأن المقاتلة أهون عليّ من المجاملة. غلبني فقلت: نعم.

وركبت معه إلى حمص، وأنا أسأل طول الطريق عن هذا المفتّش الذي لا أفتأ أسمع من المعلمين ذكره وألمس من حديثهم عنه خوفهم منه، وجعلت أفكّر ماذا يريد مني، وهل أنا ساعٍ إلى هيجاء أم ماشٍ إلى وليمة؟ حتى إذا وصلنا ودخلنا عليه سمعته يقول: هيك (أي هكذا) يا منظوم (وهي كلمة ملاطفة شامية فيها عتاب خفيف) لا تزور أستاذك؟

ونظرت فإذا هو أستاذنا الدكتور صبحي راغب. كنت أعرفه طبيب أسنان في «الجسر الأبيض» في «طريق الصالحيّة»، فلما سافر أستاذانا الدكتوران الكيّال والشمّاع (وكان ثالثهما الدكتور

<<  <  ج: ص:  >  >>