للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الناس (وكان هذا عدد سكان مصر يومئذٍ على ما أظنّ) مصافحاً يقول لهم:

هذي يدي عن بني مصرٍ تصافحُكم ... فصافحوها تُصافحْ نفسَها العرَبُ

فما الكِنانةُ إلاّ الشامُ عاجَ على ... ربوعِها مِن بَنيها سادةٌ نُجُبُ

وقوله وقوله ... (إلى أن قلت): ألم يبيّن أن الشام أخت مصر، أمّهما واحدة وأخوّتهما خالدة، باقية على الأيام رغم الخطوب الجِسام:

إنما الشامُ والكنانةُ صِنوانِ ... برغمِ الخطوبِ عاشا الزّمانا

أمّكمْ أمُّنا وقد أرضعَتنا ... مِن هُداها ونحنُ نأبى الفِطاما

ألم يضرب بكم الأمثال لأهل مصر ... (إلى أن قلت): فاسمعوا قوله:

فرجالُ الشآمِ في كرةِ الأرضِ ... يبارونَ في المسيرِ الغَماما

رَكِبوا البحرَ جاوزوا القطبَ فاتوا ... موقعَ النيّرَينِ خاضوا الظلاما

يمتطونَ الخطوبَ في طلَبِ ... العيشِ ويبرونَ للنضالِ السِّهاما

وبنو مصرَ في حِمى النيل صرعى ... يرقُبونَ القضاءَ عاماً فعاما

(وأقول: كان ذلك يوم كان ابن مصر يجزع إن نُقلَت وظيفته إلى الفيوم فضلاً عن أسوان، فصار المصريون الآن يعملون فوق كل أرض وتحت كل كوكب، ومن عرف ما كانت عليه حالهم تعجّب وأُعجِبَ بما آل إليه مآلهم).

<<  <  ج: ص:  >  >>