للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنه دخل المكفّرون المنصّرون من هذا الباب، فأقاموا الكنائس الضخمة في أحياء المسلمين ليُوهِموا الناس أن لهم فيها قوة وجمعاً، والمسلمون نائمون أو أنهم لا يبالون.

* * *

وكانت داري في شارع بغداد يوم كان طريقاً خالياً وسط البساتين ما على حاشيته شيء من هذه العمارات التي تقف اليوم، فكان البصر يسرح منه إلى الجبل لا يحجزه شيء. فإذا وصلت إلى آخره من جهة الشرق وجدتَه يقطع طريق دوما الذي يقف على حدود الغوطة كشارع السِّيف (الكورنيش) الذي يقوم على شاطئ البحر. وهل تبدو الغوطة من الجبل إلاّ بحراً أمواجه هامات الشجر، والعالي منها كأنه سواري المراكب الماخرة فيه؟

هناك قرب باب توما، أحد أبواب دمشق السبعة (وقد بقي سالماً إلى الآن ستة منها)، هناك كانت تقف سيارات الغوطة. وهي من سيارات فورد الصغيرة، في مقدمتها المحرّك عليه غطاؤه، وعلى جانبَيها رفارف يصعد الراكب عليها، دواليبها رقيقة، حجمها ضئيل لا تتسع إلاّ لأربعة ركاب. لم تكُن هذه السيارات الفخمة المنظر الجميلة المظهر، ولكنك إن ضربتَها بجمع يدك وكنت قوياً أثّرَت ضربتك في غطائها الرقيق، على حين كانت السيارة الأولى متينة قوية. كأننا كلما ازددنا علماً ازددنا غِشّاً!

تقف حتى يجتمع الركّاب الأربعة، فربما طال وقوفك نصف ساعة وربما مشت بك بعد دقائق. وكان بين هذا الموقف وسَقبا

<<  <  ج: ص:  >  >>