للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كانوا معلّمي الابتدائية. فهل في أساتذة الجامعات اليوم مثل هذه «المجموعة»؟

وفي مصر كان المتخرجون في دار العلوم العليا يوم كنت طالباً فيها من خمس وخمسين سنة (سنة ١٩٢٨) يُعيَّنون أولاً في المدارس الابتدائية، ولذلك قلت في إحدى حلقات برنامجي في الرائي إن عدد المدارس اليوم أكثر ولكن العلم فيها أقلّ، كنّا مثل البئر فوّهتها ضيقة ولكنها عميقة، فصرنا مثل الغدير واسع ولكنه ضحل.

وكانت سَقْبا إحدى قرى أربع متجاورات: حَمّورية التي التصقت بسَقبا يوم كنت معلّماً فيها (سنة ١٩٣٢)، وجِسرين وفيها مزرعة أستاذنا كرد علي، وكفر بَطْنا، وسقبا. وإلى جوار جسرين يجري بردى وقد استردّ بعض شبابه واستعاد شيئاً من قوّته، وعاد عند «جسر الغيضة» غزير الماء سريع الجري، وهو غير نهر «قُلَيط» الذي تجتمع فيه المجاري فيُصلِح الزرع ولكنه يُفسِد الهواء، وإن كان -لكثرة مائه- أقلّ تلوثاً من أمثاله.

والقرى في الغوطة متوارية من الحياء وسط الأشجار، تتستّر بها حتى لا تُرى كالمخدَّرة الحيِيّة التي تخشى أن تلمحها عيون الرجال، فلا يبين منها إلاّ ذرى مآذنها. والمآذن أُحدِثت بعد عهد الرسول ‘ ولكنها صارت اليوم أمارة الإسلام في البلد الذي تقوم فيه، ولما غلب علينا الاهتمام بالمظهر أكثر من الجوهر بالغنا في التأنق في بنائها وزخرفتها ورفع ذُراها ... وإن كان المؤذّن لا يصعد إليها بل يؤذّن بالمكبّر من وسط المسجد. ودخل المبشّرون، أعني

<<  <  ج: ص:  >  >>