للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان في المدرسة ثلاثة صفوف ولها مدير ومعلّمان وآذِن (فرّاش) (١)، فلما جئتها جاؤوا كلهم معي، ولمّا دخلت بابها دخلوه معي لأنهم كانوا جميعاً في ثيابي، فأنا المدير وأنا المعلّمان وأنا الفرّاش! فكأني ما جئت مدرسة سقبا بل دخلت بهو المرايا في «فرساي»، وما أكثر الذين يعيشون وكأنهم في قصر فرساي في بهو المرايا، حيثما تلفّت الواحد منهم ما رأى إلاّ نفسه!

فكيف أقسّم نفسي أنفساً ثلاثاً فأعلّم ثلاثة فصول في وقت معاً؟ أنا بحمد الله مسلم عاقل لا أستطيع أن أفهم كيف يكون «١+١+١=١» كما يزعم القائلون بالتثليث، فماذا أعمل؟ كنت أعرف من أهل سقبا رجلاً طالب علم كان «مزيّناً» اسمه الذي نعرفه به أبو رضا السّقباني، والمزيّن في الاصطلاح الشامي هو الذي يختن الصبيان، فسألتُه فدلّني على شيخ كتّاب في القرية اسمه الشيخ حمزة، وكان أشلّ يعمل بيد واحدة ولكنه رجل صالح يُحسِن تعليم القراءة والقرآن، وأنا لا أحتاج إلى يده ولكن إلى عقله ولسانه، وأحتاج قبلهما إلى قلبه وإيمانه، لأن أكبر ذنب في التربية والتعليم نرتكبه (والله سائلٌ مرتكبَه عنه ومجازيه به)


= وفي الغوطة أسماء فينيقية مثل دمر وأصلها دامور وتامور باسم إله لهم مزعوم، وبلاط (بالبيت)، ومثلها فليطة ومعربا ومعناها المغرب، وأسماء حثية مثل الغوطة وقَطَنا (وأصلها كنا وكنتا)، وأسماء يونانية الأصل مثل الفيجة ومعناها الينبوع، ورومانية الأصل مثل قلمون وبانياس، وما أصله فارسي مثل جوبر (جويبار) ومنين.
(١) نحن نقول له في الشام الآذن، وهو أقرب إلى مصطلح الأقدمين، وفي مصر والسعودية يقولون فرّاش.

<<  <  ج: ص:  >  >>