نتساءل عن قوله تعالى {ليسَ كمثلِهِ شيءٌ} لماذا جاء بأداتين من أدوات التشبيه: الكاف ومثل؟ فقال لنا: جوابها في علم الهندسة، في نظير النظير: مثلث (ب ج د) نظيره (د ج ب)، هذا ليس مثله، ولكن مثيله هو نظير النظير (ب ج د). وخذوها على أنها طرفة، أليست ظريفة؟
أما أنا وسعيد الأفغاني فلم تكُن لنا مع الرياضيات مشكلة، لأنني لم أنقطع إلى الأدب حتى ملأ ذهني كله، ولم أتنكّر للعلم؛ فكنت أحرز درجة الجيّد وأحياناً الجيّد جداً في العلوم. ونحن إذا قلنا في الشام «علوم» نقصد بها العلوم الطبيعية، إنه اصطلاح مدرسي. وكانت شهادتي (البكالوريا) علمية لا أدبية، لكنني وجدت في الرياضيات مصيبة تهون معها المصائب وتُستسهَل المصاعب، هي الجذر التكعيبي. ولقد مرضت بعد ذلك حتى أشرفت على الموت، وغرقت في البحر في بيروت وأنا لا أحسن السباحة حتى عاينت الهلاك، وذقت السجن (مدة يسيرة، يوماً واحداً) في حاشِرة (زنزانة) لا أستطيع من ضيقها أن أضطجع فيها، وضللت مرة ليلة بطولها في أعالي جبال حلبون (من لبنان الشرقي) وما فوقي إلاّ سماء لا يطلّ منها نجم وفي الجبل دِبَبة رأينا آثار أنياب دُبّ منها في باب المدرسة، وظُلمت وأوذيت ومرّت بِيَ الأهوال، ولكني لم أجد أشدّ ولا أصعب من «الجذر التكعيبي» الذي يصل الآن التلميذ إلى جوابه بكبسة من إصبعه على زر في علبة!
وليس أصعب من الجذر التكعيبي هذا الذي أُبطِلَ من المدارس فلم أعُد أسمع له ذكراً، لا أصعب منه إلاّ حل رموز