للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما لي؟ فتّش عن هوى آخر أو ابكِ هواك وحدك، لا تصدّع به رأسي من «الأسطوانات» طول النهار! لا تعِش لنفسك وحدها بل عِش لها ولأمتك، فكّر بعقلها، اشعر بشعورها، وأدِّ ما يجب عليك لها. أما أن تقول: هذا حبي وهذه عاطفتي فاشتغلوا بها معي، فلا. إن أدبك يكون إذن مخدّراً للحسّ الوطني.

(إلى أن قلت): حسبنا بكاءً ويأساً ورثاء للماضي وفزعاً ممّا يخبّئ لنا المستقبل، كفى تبرّماً بالحياة وشكوى منها، ودعونا من أدب لامارتين وموسّه ومن عبد الوهاب ولوعته وشقائه وحبه الذي ضاع منه.

* * *

هذا ما جاء في المقالة المنشورة من خمسين سنة، وهؤلاء رفاقنا الذين كانوا طلاّباً وكانوا شعراء، فما تعليق القرّاء على هذه المقالة لو أنها نُشرت اليوم؟

هل تستطيعون أن تقولوا: إن في الطلاّب والشباب من ينظم مثل هذا الشعر؟ من له مثل هذا الأدب؟ هل علونا وارتقينا أو انحططنا ونزلنا؟ هل صار أدبنا أبعد عن الانحراف وأقرب إلى الصواب، وأكثر شعوراً بآلام الأمة وآمالها، وأشدّ اهتماماً بها وتعبيراً بأدبه عن مشاعرها؟

إن من منافع نشر الذكريات أن نفاضل بين ما نحن اليوم فيه وما كنّا بالأمس عليه، فما الذي استفدناه وما الذي خسرناه؟ الجواب عندكم أنتم.

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>