للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والدعوة إلى الأدب القوي التي بدأ يتولاّها مثل أحمد أمين في مصر وأمين الريحاني هنا، وأدعو إليها أنا (على ضعف قلمي) دعوة صالحة مباركة.

(إلى أن قلت): من الذي حجب عن عينيك أيها الشاعر ملذّات الحياة ومفارحها ولم يُرِك إلاّ آلامها وأحزانها؟ لماذا ترى سواد الليل ولا ترى بياض الضحى؟ لماذا تصف بكاء السماء بالمطر في الشتاء وتدَع ضحك الأرض بالزهر في الربيع؟ لماذا تصوّر حشود المآتم وتهمل حفلات الولادة؟ الدنيا ليل ونهار، وشتاء وربيع، وموت وولادة؛ إنها كالقمر، له جانب مظلم وجانب مضيء، فمَن ملأ قلبَه ظلامُ اليأس لم يرَ إلاّ الجانب المظلم، مع أنه خفيّ لا يُرى.

أحبَّ ولكن لا تنسَ دينك ولا رجولتك في حبك. ابقَ رجلاً، انتصب قائماً على قدميك وشدّ عضلاتك وقُل لمن تحب (بالحلال): تعالي! لا أن تجيئها خاملاً متهافتاً ضعيفاً، تجثو على قدميها وتقول لها من خلال دموع الضعف في عينيك: أنا أحبك! إن المرأة لو خُيِّرت لما اختارت إلاّ الرجل القوي في جسده وفي روحه، الذي يعمل على تحقيق أمله في مستقبله. أمّا الرجل الأصفر النحيل البائس اليائس الميت من قبل الممات، فماذا تصنع به؟ هذا يحتاج إلى ممرضة لا إلى حبيبة!

(إلى أن قلت): ثم إن للشاعر مظهراً لعاطفته غير نفسه وعواطفها ومسرّاتها ومواجعها، وأن ينادي: «يا لوعتي يا شقايا»، لماذا اللوعة ولماذا الشقاء؟ «ضاع الأمل من هوايا». طيّب، وأنا

<<  <  ج: ص:  >  >>