للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حملت على هذا المذهب بسلسلة من المقالات عنوانها «الأدب القومي». وأول من جَرَت كلمة القومية على قلمه -فيما أعلم- مُحبّ الدين الخطيب، وهو أول (أو من أوائل) مَن دعا إلى إحياء لغة العرب وتاريخها وأمجادها، رداً لفتنة «التتريك» التي جاء بها الاتحاديون، كما أنه كان من أول (أو من أوائل) من دعا إلى تنظيم العمل الإسلامي في مصر، وأنشأ أول جريدة (أسبوعية) إسلامية هي «الفتح»، ولكن عزلته وابتعاده عن مجتمعات الأدباء وأصحاب الأقلام وأرباب السلطان جعلت الناس يهتمون بمَن هُم أقلّ منه شأناً وأضعف أثراً وينسونه، ولكنْ يعزّيه هو وأمثالَه أن الله لا يضيع عمل عامل، وأن ما عند الله خير وأبقى.

فمن هذه المقالات مقالة عنوانها «الأدب القومي أيضاً»، نُشرت في «ألف باء» يوم الجمعة ١٣/ ١٠/١٩٣٣، فُقدت فيما فُقد من كتاباتي لأن عدد الجريدة لم يُحفَظ ولأن المقالة (وكل ما كتبتُ في تلك الأيام) لم أودعه كتاباً من كتبي، ولكني وجدت نسخة عنها في دفتر كتبه أخي بخطه. قلت فيها:

كنت غائباً عن دمشق أقيم في قرية من القرى، متعزّلاً الحركة الأدبية، فلم أرَ إلاّ اليوم كتاب الأستاذ أمين الريحاني «أنتم الشعراء»، ولم أتعرف الضجّة التي أثارها خطابه عن الأدب القوي والأدب الباكي. وقد وجدت الكتاب أقلّ ممّا وُصف به وما قيل عنه، ووجدته يوصي الشعراء بإكرام سيبويه ثم يخالف سيبويه ونفطويه والكسائي وإخوانهم جميعاً مخالفة ترتجف لها عظامهم في قبورهم! ولكن الكتاب -على هذا كله- صحيح الفكرة،

<<  <  ج: ص:  >  >>