صخرة أو أغصان شجرة يابسة تبدو في الثلج الأبيض حسبنا ما رأينا واحداً من هذه الضواري التي كنا نسمع أصواتها من بعيد ... ومن أفتكها الدببة، وما أدراك ما دببة حلبون؟ ولقد رأيت على باب المدرسة (وهو من الخشب السميك) آثارَ أنياب دبّ منها كأنها مسامير دُقّت في الخشب ثم نُزعَت.
ركبت ومشى معي الدليل، ثم عزمت عليه أن يركب هو وأمشي أنا لتكمل المساواة بيننا. وغابت الشمس فنويت الجمع لأني لم أجد مكاناً جافاً أصلّي فيه، وأظلم الكون وسكن الليل ونحن نمشي صامتَين، وبدا لي ضوء من بعيد، قلت: ما هذا؟ قال: هذه منين. قلت: ارجعْ إذن، فأنا أكمل الطريق وحدي. فأخذ الدابة ورجع، ونزلت في منحدر من الأرض فغاب عني الضوء، وكانت السماء غائمة لايبدو فيها نجم أستهدي به، فندمت على أن صرفت الدليل، فناديته فلم أسمع إلاّ صدى صوتي تردّده هذه البطاح، فخفت. نعم، خفت. أتريدون أن أكذب عليكم فأدّعي لنفسي شجاعة تجاوز حدود العقل؟ إن كل ما جاوز العقل جنون.
لمّا جئنا كنا ثلاثة ومعنا دابة ودليل ونحن في النهار، وقد قرأتم وصف ما مرّ بنا، فكيف بي الآن وأنا وحدي والدنيا ليل، لا يبين لي طريق فأسلكه ولا نجم في السماء فأهتدي به، وما معي سلاح أردّ به عن نفسي وحشاً يهجم عليّ؟
خفت، ومن خوفي جعلت أعدو لا أعرف إلى أيّ وجهة أتجه، أسقط في حفرة أخفاها الثلج المتراكب عني، ثم أنهض